رحلتي إلى كازاخستان و جاراتها 1-2-3-4-5 ( الجزء الأول )
21-06-09 07:15 صباحاً
0
0
4.1K
رحلة.. إلى كازاخستان وجاراتها (( 1-5 ))
بقلم الأستاذ محمد بن عبد الله الحمدان البدراني
من أهل البير
بقلم الأستاذ محمد بن عبد الله الحمدان البدراني
من أهل البير
كانت لي عدة رحلات إلى جمهورية كازاخستان، كتبت عنها في هذه الجريدة، في العدد 11040 بتاريخ 16- 10-1423هـ والعدد 11355 بتاريخ 5-9-1424هـ والعدد 11405 المؤرخ 26-10- 1424هـ والعدد 11414 في 6-11- 1424هـ والعدد 11416 بتاريخ 8- 11-1424هـ، فلا داعي لإعادة ما قلت هناك، رغم أن بعض القراء لم ير تلك الحلقات، ومَن رآها نسي ما فيها، باستثناء ذوي الذاكرة الحديدية (ما شاء الله).
في هذه الرحلة (الرابعة) زادت أسعار التذاكر لطيران (استانا) 800 درهم إماراتي من دبي إلى ألماتي ذهاباً وإياباً، وفي مطار ألماتي العاصمة القديمة لكازاخستان وجدت المبنى الجديد قد انتهى، وتم استخدامه بدل المبنى القديم الذي كنت أعرفه، وهو مطار حديث جيد، به أربعة ممرات تقف عندها الطائرات، وعليه بعض الملاحظات أو الملحوظات التي لا داعي لذكرها هنا، كان الوقت صيفاً، والجو متقلباً بين صحو وممطر، ودفء وبرد، والجبال المحيطة بالمدينة من الجنوب تكسوها الثلوج، وتغطي بقيتها الأشجار الخضراء المنوعة، والأنهار تنحدر من الجبال متجهة للبحيرات، وما كنت وجدته في رحلاتي السابقة وهو (الماء والخضرة والجو الحسن) وجدته هذه المرة (لم أجد غيره) سوى الكرم ودماثة الخلق من جميع موظفي سفارة المملكة.
الضيافة ثلاثة أشهر
وقيل لي إن الحكومة زادت الضيافة العربية من ثلاثة أيام إلى ثلاثة أشهر فصدّقت الكلام، وبقيت قريباً منها، ولم أشأ مخالفة الحكومة وعصيانها، إلا أني اغتنمت فرصة الراحة النفسية والفراغ والخضرة والماء (والجو) الحسن فقمت بتصحيح الطبعة الرابعة من (ديوان السامري والهجيني)، كما قمت بتصحيح فهارس بقايا مكتبتي ومكتبة قيس التي طبعها ابني قيس- وفقه الله- بالحاسوب (الكمبيوتر) تمهيداً لبيعها للاستفادة من مكانها وثمنها، لأنها (مضيّقة البقعة شاربة النقعة)، ما عدا بعض الكتب القديمة والنادرة (ومعظمها صور)، في بعض الموضوعات، ككتب عن المملكة والجزيرة العربية والملك عبدالعزيز والدعوة السلفية، كمكتبة منزلية، مراجع وغيرها، وقد يستفيد منها بعض الباحثين والباحثات لوجود كتب ذات طبعات قديمة قد لا يجدونها في مكتبات أخرى لأني جمعتها من عدة دول، ومن سراديب الكتب القديمة يوم كانت الهواية جامحة ونشيطة، واذكر أني كنت أدخل تلك السراديب والمستودعات المغبرة، فأتلثم (أتلطم) وألبس لباساً على ملابسي وأبدأ في نبش تلك، مع أنوار ضعيفة، وهواء غير نقي، وغبار متراكم على الكتب، فأنسى نفسي، وأحياناً يطلبون مني الخروج، لانهم سيقفلون المحل، ولكني أخرج بصيد ثمين من الكتب القديمة والنادرة، كمؤلفات قديمة لمؤلفين من المملكة، لم تعد موجودة لديهم، وليست محفوظة في أي دائرة في المملكة كما أجد رحلات للحجاز قديمة لحجاج من مصر والمغرب وتونس والشام وغيرها،
جرائد ومجلات قديمة من أنحاء العالم
كما وجدت بحكم الهواية نفسها مئات الجرائد والمجلات القديمة والنادرة والطريفة صدرت في الدول العربية والإسلامية، بل وفي أمريكا وفرنسا وغيرها، باللغة العربية، وكنت وضعت قوائم لتلك الجرائد والمجلات لعرضها أمام القراء ولكن الظروف لم تسمح بذلك ولم أجد اهتماماً وتجاوباً، فاضطررت لبيعها.
كتب نادرة وقديمة
عودٌ على موضوع الكتب القديمة والنادرة التي عثرت عليها، فقد وجدت كتباً طبعت في مالطة وسنغافورة وفرنسا وأمريكا وقازان والاستانة وغيرها مما لم أعد اتذكره.
في ألماتي
تحدثت عن كازاخستان وألماتي في مقالاتي السابقة بما يكفي - في رأيي - إلا أني علمت الآن ان الغاز يأتي للبيوت عبر أنابيب، فلا ترى براميل الغاز كما هو الحال عندنا، والحفر التي كانت في الشارع القريب من الفندق والمتفرع من شارع (الفارابي) تم ردمها، وكنت أشرت إليها في رحلاتي السابقة، (والردم لم يأتِ نتيجة لكتابتي طبعاً)، ورأيت الفِرَق (جمع فرقة) تجوب الشوارع وتردم الحفر، وسمعت أن الثلج الذي ينزل شتاءً يؤثر على الأسفلت، وهذا شاهدته وسمعت عنه في مدينة موسكو حيث يعانون هناك من نفس المشكلة.
إلى أستانا
زرت مدينة أستانا العاصمة الجديدة للدولة وهي في شمال البلاد (ألماتي في جنوبها) بينهما أكثر من ساعة بالطائرة، وهي مدينة حديثة، بها نهضة عمرانية نشطة، وشوارع واسعة ومبانٍ جميلة، يتوسطها نهر، وهي في أرض منبسطة لا جبال فيها ولهذا تكثر فيها الرياح التي تزعج سكانها وزائريها، ويشتد البرد فيها شتاءً، وبعض السكان هنا يفضلون ألماتي على أستانا.
السفارات في أستانا
وبدأت السفارات في الانتقال أو الاستعداد للانتقال من ألماتي إلى أستانا، فقد افتتحت السفارة الروسية هناك، كما بدأت السفارة الأمريكية في البناء، وبعض السفارات حجزت أمكنة لها، وتحيط بالعاصمة الجديدة بعض المستنقعات التي قد ترسل البعوض لها.
رحلة جميلة
تكرم الأستاذ علي بن محمد الحمدان سفير المملكة هنا فدعانا لرحلة إلى أحد الأنهار خارج ألماتي، وقلت (دعانا) بصيغة الجمع لأن الدعوة موجهة لضيفيه إبراهيم أبو بكر وبدر بن خريف ولي، فاستمتعنا برحلة جميلة لا تنسى، وصدنا السمك من أحواض كبيرة وضعت هناك كما وضعت (سنارات) الصيد لمن يريد استخدامها بأجر زهيد، وقد سبحت في النهر رغم برودته ولكني شعرت بعده بنشاط عجيب.
سبايبا (أي شكراً)
(سبايبا) باللغة الروسية تعني (شكراً) وجوابها: (باجالوصطا) وقلت للأستاذين أبوبكر وابن خريف لما قدما إلى هنا إني أصبحت بلبلاً في اللغتين الروسية والكازاخية، ولكنه بلبل لا يغرد أي لا يعرف كيف يغرد، رغم حرصه على ذلك، قلت لهما إذا أردتم أن تقولوا (عفوا) بالروسية فتذكروا قول المصريين (ماجا الاصطا) أي لم يحضر السائق أو غيره، وهي شبيهة نطقاً ب(باجا لوصطا).
أقول سبايبا، ورحمت، وثانكز، ومرسي، وتشكّر، وقراسياس، وغيرها، لأبي فارس، على صبره على مكثي الطويل، وإزعاجي له بطلباتي المتكررة، وهذا ليس غريباً عليه، فقد سمعت الثناء عليه في أماكن كثيرة، من زواره وزملائه وضيوفه وأصدقائه والوفود، في الدول التي عمل بها وغيرها، رغم أن شهادتي فيه مجروحة (كما يقولون).
أضواء على دواوين الشعر العامي القديمة
إضافة إلى تصحيح وتنقيح الطبعة الرابعة من كتابي (ديوان السامري والهجيني) وتصحيح فهارس بقايا مكتبتي ومكتبة قيس، في فترة نظام الضيافة العربية الجديد (3 أشهر) فقد اغتنمت الفرصة، وبدأت في إعداد الكتاب المذكور في العنوان أعلاه، وهو عبارة عن استعراض كتب الأدب الشعبي ودواوين الشعر العامي القديمة، التي كان لديّ منها الشيء الكثير، حوالي 400 عنوان.
وكان الشيخ محمد بن ناصر العبودي، الرحالة والمحقق والباحث المعروف، قد أشار عليّ بتأليف هذا الكتاب، وذكر أني أولى من يقوم بذلك بحكم اهتمامي بتلك الكتب واطلاعي على معظمها، واقتنائي لأكثرها، وقد شكرته على ثقته بي وكتبت مقدمة للكتاب، وبدأت باستعراض تلك الكتب والدواوين، ولكني ما كدت أبدأ حتى شغلت عنه بمكتبة قيس وبأشياء أخرى، ولما التقيت الشيخ العبودي ذكرني بالكتاب، وأعاد عليّ الاقتراح، ووعدته خيراً، ثم شغلت عنه مرة أخرى سنة أو سنتين.
فلما جاءت هذه الفرصة أقصد فرصة (الضيافة العربية الجديدة) استعنت بالله وتوكلت عليه (وكنت دائما أستعين به وأتوكل عليه) وبدأت في إعداد الكتاب، وكانت معي فهارس مكتبتي ومكتبة قيس فنقلت أسماء الكتب والدواوين كلها، كل واحدٍ في ورقة، وقد بلغت أكثر من ثلاثمائة كتاب وديوان، وعند عودتي للرياض سأضيف بعض المعلومات عن تلك الكتب والدواوين من الكتب نفسها، ومن بعض قصاصات الصحف التي أحتفظ بها وهي تتعلق ببعض تلك الدواوين من نقدٍ أو ملحوظات أو إضافات كما حدث لديوان سليمان بن شريم، أما الكتب التي تم بيعها ولم احتفظ بنسخ أو صور منها فساكتفي بما في الفهرس من معلومات عنها، وسأضيف بعض الكتب لم تسجل في الفهرس.
الوفد التجاري
أثناء وجودي في ألماتي جاء وفد تجاري من المملكة من مجلس الغرف التجارية الصناعية بالمملكة مكوّن من حوالي 40 شخصاً معظمهم من رجال الأعمال في المملكة، بعضهم أعرفهم من قبل، كالأساتذة عبدالرحمن الجريسي، صالح الفهاد، محمد اليحيا، ومحمد العوهلي وبعضهم أعرفهم من قبل ولكني لم أقابلهم كالأستاذ فهد العبيكان صاحب مكتبة وشركة العبيكان، وبعضهم تعرفت عليهم هنا كالأساتذة، عبدالرحمن الزامل، وعبدالرحمن الربيعة من ثادق المجاورة لقريتي البير وسعيد البدوي من جدة وباسم الحبشي منسق الوفد.
رحلة ... إلى كازاخستان وجاراتها (( 2-5 ))
إلى موسكو
في رحلاتي السابقة لجمهورية كازاخستان لم أفكر في زيارة أي من الدول المجاورة لها، وكذلك لما قررت هذه الرحلة لم يكن في نيتي مغادرتها لأي دولة، ولذا لم أطلب من السفارة الكازاخية في الرياض أن تكون التأشيرة لعدة سفرات فجعلوها لسفرة واحدة، وكذلك لم أحاول أخذ تأشيرات أخرى، ولكن لما وصلت البلد وأنجزت الكتابين والفهرس (انظر الحلقة الماضية من هذا المقال) عنّت لي أو خطرت ببالي زيارة دول ثلاث مجاورة لكازاخستان، لأراها وآخذ فكرة عنها، وأضيفها لقائمة الدول التي زرتها ولكن جهود السفير الأستاذ علي الحمدان ذللت الصعاب، وقرَّبت البعيد.
وبدأت ب(موسكو) والمسافة بين ألماتي وبينها أربع ساعات على طيران أستانا (ايراستانا)، وفي موسكو خمسة مطارات نزلت في أحدها وهو (شرميتوفا) رقم (1) بدون تشديد الراء.
وقد حُجز لي في فندق ماريوت الذي أقمت فيه أول ليلة، وفي الصباح هربت بجلدي، وأطلقت ساقيَّ للريح، بسبب الغلاء الفاحش الضارب أطنابه كلها في هذا الفندق وأمثاله، كفندق أنقره في ألماتي.
سفارة المملكة في موسكو
زرت سفارة المملكة في موسكو لأسجل جواز سفري وألتقي ببعض الإخوان فيها، وكان السفير محمد ولي في إجازة، فقالبت القائم بالأعمال الأستاذ غازي الشربيني، والقنصل الأستاذ عبد الرزاق كشميري، ود. محمود، وعبد الله الصقر، وعبد الحميد، ود.عيسى مسوح، وأنست بهم، وتجاذبت معهم أطراف الحديث (ووسطه) كما يقولون.
جولة في موسكو
لم أقابل الأستاذ عبد الله الصقر في السفارة لأني لم أعلم بوجوده، وهو لم يعلم بزيارتي إلا بعد مغادرتي للسفارة، فاتصل بي جزاه الله خيراً، وأصرَّ على اللقاء، وشرب القهوة العربية، وقدوع روثان المدينة, في منزله ثم قمنا بجولة في سيارته، ركبنا المترو، ونهر موسكو، وزرنا شارع (ارباط) القديم (تحتاج لألف ولام) الذي يشتهر ببيع الأشياء القديمة، والتحف واللوحات، ويوجد به الرسامون والمقاهي والمطاعم، وهو مخصص للمشاة وأكشاك الباعة، واشترى كل منا من هذا السوق ساعة طائرة عسكرية ميج 29 و31 جديدة لم تستعمل، كما زرنا (المطلّ) وهو مكان مرتفع مطلّ على جزء من موسكو، فشكراً لراعي (الغيل) في الأفلاج وجار جبل التوباد أخي عبد الله الصقر.
جولة أخرى
كما تفضَّل د.عيسى مسوح من موظفي السفارة بزيارتي حيث أسكن، وقمنا بجولة، زرنا خلالها جامعة موسكو بمبانيها الكثيرة والحدائق والغابات المحيطة بها وكان الدكتور عيسى تخرَّج منها في الكيمياء قبل عقود، واشترك في بعثة لتعريب العلوم في الجزائر، وترجم عشرات الكتب من الروسية للعربية في مجال تخصصه (الكيمياء)، وذكر لي أن هذه الجامعة خاصة بالعلوم وبها 13 كلية علمية، كما ذكر إحصائية طريفة عجيبة عن عدد الغرف الموجودة في مباني الجامعة فقال إنها بعدد أيام عمر شخص عاش ستين عاماً، أي 360*60=21600 أكثر من واحد وعشرين ألف غرفة ما بين دراسية وإدارية ومعامل وخدمات، وهناك جامعات أخرى كثيرة.
المترو
في موسكو شبكة كبيرة من القطارات تحت الأرض حوالي خمسة آلاف كيل (كيلو متر) عمق بعضها 98 متراً تحت الأرض هبطنا إليها في سلّم كهربائي وفوجئت بأن المحطة تشبه المتحف ففي جدرانها وسقفها رسوم وصور ومناظر ملوّنة وممرات وشبه قاعات.
ذكر الدكتور عيسى أن شبكة القطارات مصممة ومعدة لاستخدامها ملاجىء ضد الغارات النووية وتتسع لنصف سكان موسكو (12 مليون نسمة) وفي مداخلها جدران من الرصاص مخفاة في السقف تنزل عند اللزوم وتحمي من بداخل الأنفاق من الخطر، وقد شارك في حفر المترو الأسرى الألمان بعد الحرب العالمية الثانية.
من معالم موسكو
- أربعة دائريات (جمع دائري) تتخلل المدينة وتحيط بها.
- مبنى طوله حوالي خمسة أكيال لأبحاث الفضاء والصواريخ.
- محطات في أنحاء المدينة عبارة عن خزانات وأبراج ضخمة تُغلى فيها المياه وتُوزع بواسطة أنابيب للمساكن والإدارات للتدفئة ولاستعمالات أخرى.
- فندق روسيا: يضم خمسة آلاف غرفة، أربع جهات كل جهة بها مكاتب استقبال ويطل على نهر موسكو.
- نهر موسكو: يخترق المدينة ويصب في نهر الفولكا المشهور خارج موسكو ويتجه لبحر قزوين، وهناك أنهار أخرى تتجه للشمال، وحفروا قنوات للوصل بين بعض الأنهار.
- هضبة السجود هضبة مرتفعة تحيط بها البحيرات والحدائق كانوا يسجدون ويصلون فيها قبل الاتجاه للحرب طلباً للنصر، وبنوا فيها مسجداً وكنيسة وكنيساً ومعبداً بوذياً تخليداً لذكرى من قضوا في تلك الحروب من المنتمين لتلك الديانات الأربع.
- شارع ارباط القديم (تقدَّم ذكره).
- الكرملين: مبانٍ ضخمة يحيط بها سور أحمر، يؤم المبنى أفواج من السياح والزوار، وبداخله - كما قيل لي- أشياء تستحق الزيارة وأحجار كريمة نادرة وغيرها، وقد شاهدت طوابير طويلة من راغبي الدخول إليه ولذا عدلت عن دخوله.
- قوس النصر: يشبه قوس النصر في شارع الشانزيليزيه بباريس، بنوه تخليداً لذكرى الانتصار على نابليون عام 1820م.
- المطلّ: (تقدَّم ذكره).
- شارع كوتوزف: في موسكو أوسع شارع في العالم داخل مدينة 7 مسارات في كل اتجاه.
- المباني السبعة الضخمة التي بناها، أو شارك في بنائها الأسرى الألمان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومنها وزارة الخارجية الروسية، وفندق أوكرايينا والجامعة وغيرها.
- مدينة ليننقراد: مدينة لينين لأن قراد بالروسية مدينة، أما قرود فهو شيء مختلف تماماً وليس جمع قرد (أعوذ بالله) واسمها الجديد سانت بطرس بُورق لأن بُرق مدينة باللغة الألمانية، وهذه كانت عاصمة روسيا في زمن القياصرة وبها آثار فخمة في قصورها، وجرس ضخم، وتبعد عن موسكو 600 كيل، وهنا قطار سريع يصلها في 3 ساعات.
جولة خارج موسكو
وتفضَّل د. عيسى في اليوم التالي (وهو اليوم الرابع والأخير لزيارتي لموسكو) فخرجنا في سيارته في جولة خارج المدينة، وشربنا القهوة في منزله الريفي، ثم أوصلني للمطار، فشكراً له.. والتقيت هناك د. محمود (دكتوراه في جراحة التجميل) الذي أنهى إجراءات السفر.. فله شكري.
كما أشكر القنصل الذي أصرَّ على أن أتناول معه طعام الغداء، واعتذرت لضيق الوقت، كما أشكر الأخ عبد الحميد على دماثة خلقه (وكلهم كذلك)، وقد أرشدني لمكتبة متخصصة في بيع الخرائط الجغرافية وجدت فيها بعض بغيتي.
إلى الصين
قبل أن أذهب إلى أي بلد أحاول الحصول على خارطة له باللغة الإنجليزية التي أعرف شيئاً منها، ولهذا فقد تجمعت في مكتبتي خرائط وعناوين فنادق وغيرها، ومعلومات وصور عن واحد وخمسين بلداً (دولة) في العالم، ذهب معظمها مع المكتبة واحتفظت ببعضها أو نسخ منها.
وقد حاولت هنا الحصول على خارطة لروسيا بالإنجليزية فلم أجد، وللصين فلم أجد، ولما دلّني الأخ عبد الحميد على المكتبة المتخصصة فرحت بذلك، ولكني صدمت بعدم وجود شيء لديهم بالإنجليزية ما عدا خارطة للعالم جميلة، وبها صور أعلام دول العالم 195 دولة، وبالأمس حصلت هنا على خارطة لقيرقيستان بالإنجليزية كما حصلت من قبل على خارطة كازاخستان.
الشيخ محمد العبودي في أورومشي
سمعت هنا حديث الشيخ محمد بن ناصر العبودي في إذاعة القرآن الكريم من المملكة الذي يأتي صباح كل ثلاثاء الساعة العاشرة ويُعاد يوم الجمعة ويقدمه الأستاذ محمد المشوح الذي اقترحت عليه مرة عدم ترديد كلمة (معالي) في مخاطبة الشيخ، فهو معالي بدون ترديد هذه الكلمة الدخيلة علينا في برنامج كهذا، ويظهر أن الاقتراح لم يعجبه، بدليل استمراره في ترديد هذه الكلمة بشكل غير لائق مع مثل الشيخ العبودي، كما أني لاحظت في البرنامج استعمال كل من المقدم (بكسر الدال المشددة) والمقدم (بفتحها) ميم الجمع في مخاطبة كل منهما الآخر، وهذه الميم بيني وبينها سوء تفاهم ولا أحبذ استعمالها هي و(نا) و(نحن) للمتكلم الواحد، وقد جرى بيني وبين د. محمد نصر مؤلف كتاب (النجديات) الذي صدر عن دار الرشيد بالرياض بعد صدور كتابي (صبا نجد)، جرى نقاش طويل على صفحات هذه الجريدة 1407هـ، ووضعت ذلك النقاش الطويل في الطبعة الثانية من (صبا نجد) (500 صفحة).. الشاهد هنا أن د. نصر استعمل (نا) في الحديث عن نفسه، وكذلك استعمل (نحن) في الحديث عن نفسه أيضاً، أليست كلمات: تفضلتَ وقلتَ وأحسنتَ للمفرد المخاطب أفضل 999 مرة من تفضلتم، وقلتم، وأحسنتم؟
عفواً لهذا الاستطراد (والخروج عن النص) سمعت حديث الشيخ العبودي (معالي) لئلا يغضب المشوح وكان - بالمصادفة- يتكلم عن (أورومشي) التي سأذهب إليها غداً، ولكن الحديث في آخره حيث غادرها إلى مدينة كاشغر مروراً بمدينة أو بلدة أقصو، وذكر ما جرى له والوفد المرافق له في جامع كاشغر في الزحام، وتدافع المسلمين نحو الوفد، وخشية الوفد الرسمي المرافق من سقوط المسجد ذي الأعمدة الخشبية، إلى آخر ما جرى له في هذا المسجد حيث ألقى كلمته في ساحة المسجد بعد انقطاع التيار الكهربائي.
اتصلت بالشيخ هاتفياً في مقر عمله برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة وأخبرته بعزمي على التوجه للصين (أورومشي)، ومنها إلى (بكين) العاصمة بالقطار فبارك هذا العزم وهذا الطموح (الشبابي)، وأوصاني بتسجيل كل كبيرة وصغيرة، وأخذ آلة تصوير معي، فشكرته على اقتراحه، وقلت في نفسي أين أنا من هذا فقد ودعت الكاميرا، بعد أن امتلأت المكتبة بالصور لدول العالم ولبلادي في الدهناء والصمان والرملة (الربع الخالي) ومدائن صالح والأخدود والفاو، بل والعيينة والبير ومعظم مناطق المملكة.
ذكر لي الشيخ اسم الشيخ محمد صالح رئيس أو عضو الجمعية الإسلامية في (أورومشي)، أو في المنطقة كلها وأنه سيحاول تزويدي برقم هاتفه كما يمكنني السؤال عنه، فهو مشهور في المدينة، وهذه المنطقة هي تركستان الشرقية، وكان في مكتبتي ومكتبة قيس أكثر من عشرة كتب عن تركستان وما حولها، أحدها ذكر مؤلفه عيسى يوسف آلب تكين وهو السكرتير العام لحكومة التركستان الشرقية، ورئيس اتحاد مسلمي التركستان سابقاً، ذكر هذا المؤلف في مقدمة كتابه أنه قابل الملك عبد العزيز وشكره على جهوده لنصرة التركستانيين واسم الكتاب: (تركستان خلف الستار الحديدي) طُبع في مطبعة السنة المحمدية بمصر 1949م ومن تلك الكتب: (القصة الحقيقية لحياة المسلمين في ظل الحكم الروسي والصيني). الشيخ محمد صالح ترجم القرآن الكريم إلى اللغة اليوغورية وهي لغتهم هناك كما ذكر أبو ناصر.
المترجم
ولما كانت مدينة أورومشي بعيدة عن بكين حوالي 4000 كيل (48 ساعة القطار) مما يتعذَّر معه الاستعانة بسفارة المملكة هناك للترجمة، فقد لجأت إلى الأستاذ سامي سبسبي زميل الأستاذ سمير الدرع وأخيه د. محمد الدرع والأخ ماجد زلق والأخ سامي يذهب إلى (أورومشي) أحياناً بحكم عمله، وقد حلَّ مشكلة الترجمة بأن كلَّف صديقاً له هناك ليبحث عن مترجم يجيد اللغة الإنجليزية ليكون واسطة بيني وبين اللغة الصينية، كما تفضَّل الشيخ اليوم وأعطاني رقم الأخ عبد الغني في (أورومشي).
شركة الطيران الصينية في ألماتي
ذهبت لثلاث وكالات سياحية لأحجز واشتري التذاكر، فأخبروني كلهم أن التذاكر لا تباع إلا في مكتب الشركة الواقع داخل البنك الصيني، ولما ذهبت إلى هناك وجدت داخل البنك (كوّة) فتحة صغيرة تقبع خلفها فتاة، وتجمَّع حول الفتحة أكوام من الناس يتدافعون للوصول إلى هذه الكوَّة دون نظام أو طابور، فعجبت لذلك أشد العجب، وكدت أتشاءم من هذه الرحلة، وكدت أقول: (اللي هذا أوله ينعاف تاليه)، ولكني دفعت التشاؤم دفعاً، وطردته طرداً، ومضيت في طريقي، واشتريت التذكرة وكل هذا بمساعدة الأخ عبد الجبار (أبو كامل) جزاه الله (ومعازيبه) خيراً أي رؤساءه وزملاءه.
وأثناء وقوفي في هذا (الطابور) الملخبط، والناس عن يمين الصف وشماله ولا أحد ينظمهم أو يرتبهم، وهنا تذكرت ربعنا النشامى هناك في الدول النايمة عفوا أقصد النامية (القارئ يخلط)، أقول أثناء وقوفي في الصف (المُحاط) بأجسام طوال وقصار ونحيفة وسمينة ورشيقة وغير رشيقة وجميلة وغير جميلة شاهدت رسوماً على الزجاج الفاصل بين الفتاة وأكوام الناس فقمت بمحاولة رسم تلك الرسوم العجيبة، وتبيَّن لي أنها اسم شركة الطيران الصيني اكسنجيانج لوجود اللغة الإنجليزية بجانبها: airling xinjiang china.